الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ} يقول - جل وعلا - لأم موسى: {فَإِذَا خفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ}, يا للعجب!! أتلقي أم بطفلها الرضيع في اليم من أجل أن تنقذه؟! أتنقذه من هلاك محتمل على يد جنود فرعون إلى هلاك محقق في اليم؟! نعم إن ذلك ممكن ما دام الآمر هو الله القوي العزيز.
وتكون نتيجة الاستجابة لأمر الله عز وجل: يُرَد إليها موسى- عليه السلام - يرده أعداؤه بأنفسهم إلى بيتها ؛ ولهذا يقرر الله عز وجل قاعدة هامة لا بد من استحضارها ونحن نواجه الأعداء والخصوم ، وهي أن وعد الله حق, فيقول - جل وعلا - : {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[القصص:13] , فالمؤمن حين ينظر إلى الأحداث يكون ذا ثقة بوعد الله , لا يضطرب , ولا يشك , ولا يسوء ظنه , ولنتعلم ذلك من رسولنا - صلى الله عليه وسلم - حين صُدَّ عن البيت عام الحديبية , وكان - صلى الله عليه وسلم - قد رأى في المنام أنه دخل مكة , وطاف بالبيت , فأخبر أصحابه بذلك , وهو بالمدينة , فلما ساروا عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتحقق هذا العام , فلما وقع ما وقع من قضية الصلح , ورجعوا عامهم ذلك - على أن يعودوا من قابل - وقع في نفس بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - من ذلك شيء , حتى سأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في ذلك , فقال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: أفلم تكن تخبرنا أنَّا سنأتي البيت , ونطوف به ؟! , قال : بلى , أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا ؟! , قال : لا , قال : فإنك آتيه , ومطوّف به , وبهذا أجاب الصديق - رضي الله عنه - أيضاً حذو القُذَّة بالقذة" ؛ ولهذا قال - تبارك وتعالى-: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخلُنَّ المَسْجدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح:27].
قد يتأخر وعد الله أحياناً , ولكن لا يتخلف , وإنما يتأخر لحكم , وقد يكون من هذا الحكم في بعض الأحيان إرادته - تعالى - تمحيص المؤمنين , كما قال - جل وعلا - : {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَلكُمْ عَلَى الغَيْبِ}[آل عمران:179] .
فاللهم ثبتنا على دينك، وصرف قلوبنا إلى طاعتك.
المزيد |